الاستغراق وحده

إن الإقبال على الله يكون نافعا على كل حال ، ولكن ثمرته تتحقق في روح التائب المنيب ، وتشد من عزيمة المحزون ، وتشرق في بصيرة الحيران ، حين تكون العبادة حالا من التأمل يجللها الاستغراق في استشعار جلال الله وجماله ، بكل مالهذا الجلال من أسماء وللجمال من صفات ، وللأقدار دروس وحكم تتكشف ولو بعد حين ، فلا يخرج أحد من هذه الدنيا إلا وهو يوقن في صحوات لحظاته الأخيرة ، أن كل ما مرّ به حق وخير وعدل بل   وأكثر من ذلك لطف وحفاوة وامتنان !

عندما نستغرق في الإقبال على الله فإننا نضع الأمور في مواضعها الصحيحة ، ونزن الأمور بميزان لا يضل ولا ينسى ، فهما كانت المصائب علينا عظيمة فإنها تصغر في جنب تدبير الله في دقيق الكون وعظيمه …

وأيا ما كان جحيم الظلم الذي يصلينا صباح مساء ، فإن اعتقاد أن مقاليد كل شيء بيد الله ومسيرا بأمر الله يخفف من وحشة الوحدة والضعف وكثيرا من المشاعر القاتلة التي يعيشها المظلوم

حتى لو كان كربنا نتاج خطايانا أو سوء اختيارنا ، فإن تأمل عظيم قرب الله من عباده ، ووسع مغفرته ورحمته ، وما يقذفه في قلب المقبل عليه من معاني الأنس والعزة بما يشعر به كل من ذاق حديثا مع الله وشكوى إليه وتذللا على عتباته .. يعلم أن له ربّ لا يتركه وإن ترك هو نفسه

إن الاستغراق في حقيقته أن نكبّر الله ونعظمه عن كل ما شغلنا عنه ويشغلنا سواء على مستوى الروح أو الجسد أو العقل ، إنه الاعتراف أن كل ما عدا الله  فصغير حقير ، وهو في قبضتك مخلوق ، وفي أمره يسير

حينها يكون هذا الإقبال نافعا ويكون فيه الشفاء المغني عن طرق أبواب الخلق ، أو لوم القدَر

Leave a comment